ائتلاف حرّة يعقد اجتماعه السنوي في إسطنبول لتوحيد الجهود نحو إصلاح قوانين الأسرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
عقد ائتلاف حُــرّة، الذي يضم 13 منظمة نسوية وحقوقية من مختلف دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، اجتماعه السنوي في إسطنبول لمراجعة التقدّم في حملاته المشتركة الهادفة إلى إصلاح قوانين الأسرة من خلال العمل على الثلاث محاور الأساسية للإئتلاف وهي: منع تزويج الأطفال، ضمان الحقوق المالية للزوجة، وحق الأم في الحضانة والوصاية على الأطفال بعد الطلاق، وبحث آفاق العمل الإقليمي المشترك من أجل تحقيق المساواة القانونية والعدالة الاجتماعية للنساء والفتيات.
في كلمتها الافتتاحية، أكدت د. ديما دبوس، المديرة الإقليمية لمنظمة Equality Now، أن هذا الاجتماع "يمثل محطة أساسية لتجديد الالتزام الجماعي بإصلاح القوانين التي ترسخ التمييز ضد النساء، وبناء جبهة مدنية قوية تدافع عن حق المرأة في العدالة والمواطنة الكاملة."
تزويج الأطفال: معركة الوعي قبل القانون
ركّزت منظمات الائتلاف خلال مناقشتها على قضية تزويج الأطفال، باعتبارها أحد أكثر أشكال التمييز التي تحرم الفتيات من التعليم والطفولة والحياة الكريمة. قدّمت هالة عبد القادر، المديرة التنفيذية للمؤسسة المصرية لتنمية الأسرة، عرضًا حول الحملة الوطنية التي نفذتها المؤسسة لمناهضة تزويج الأطفال في القرى والمناطق الريفية المحيطة بالقاهرة الكبرى. وأشارت إلى أن المؤسسة تنظم ورش عمل تفاعلية تستهدف الأسر والقيادات المحلية على كيفية عمل حملات توعية لضمان استمرارية عملية رفع الوعى بالمخاطر القانونية والنفسية والجسدية لتزويج الطفلات فى محافظات الجيزة والقاهرة ودهشور، مضيفة أن "المجتمع بدأ ينظر إلى تزويج الفتيات كقضية عنف وتمييز لا كعرف اجتماعي."
ومن فلسطين، شاركت سما عويضة مديرة مركز الدراسات النسوية بنتائج الحملة الوطنية لمناهضة تزويج الطفلات التى تم تنفيذها فى ثلاث مُدن مستهدفة في نابلس والقدس والخليل وما حولها من قرى ومخيمات. وشهدت الحملة مشاركة فعالة من النساء والأطفال والمتطوعين/ات. منذ عام 2023، نفذ المركز أكثر من 250 ورشة توعية للأهالي والمراهقين والمراهقات، وورشات حوارية مع صناع قرار، رجال دين و قيادات محلية. وأكدت عويضة أن "القوانين التي تتيح الاستثناءات القضائية ما زالت تشكل ثغرة خطيرة تستغل لتزويج القاصرات تحت غطاء شرعي."
وكما استعرضت هدى موقر، منسقة المشاريع فى منظمة أيادي حرة في المغرب، الحملة التي قادتها المنظمة لإلغاء الاستثناءات التي تخص سن الزواج في مدونة الأسرة، مشيرة إلى أنه تم تنظيم عدد من اللقاءات الحوارية مع المجتمع المدني والفرق البرلمانية، قائلة: "ندعو لإلغاء هذا الاستثناء بشكل نهائي، ورفع سن الزواج إلى 18 عامًا للجميع دون أي استثناء، بما يتماشى مع الاتفاقيات الدولية."
وشاركت جلشان سجلام مديرة مؤسسة بسمة الدولية من لبنان دور المؤسسة في المناصرة الوطنية لإعمال القرارات بقوانين المعلقة مثل القرار رقم 62 لسنة 2020 من المحاكم الشرعية السنية بوضع حد أدنى لسن الزواج ب 18 سنة للطائفة السنية. هذا ومن ناحية أخرى أشارت نور أبو بكر من جمعية النساء العربيات في الأردن إلى النشاطات التي يقمن بها لبناء قدرات الشابات ليكن قادات التغيير ونشر الوعي في مجتمعاتهن ومدافعات عن حقوق النساء والفتيات.
الحقوق المالية للنساء: العدالة الاقتصادية المؤجلة
سلّط الاجتماع الضوء على التحديات التي تواجه النساء في الحصول على حقوقهن المالية بعد الطلاق، من نفقة وتقاسم للأموال المشتركة، وهي قضايا ما زالت تشكل فجوة تشريعية كبيرة في أغلب دول المنطقة.
تحدثت غنوة شندر، مديرة الحملات في الهيئة اللبنانية لمناهضة العنف ضد المرأة عن دور الهيئة في الدفاع عن حقوق الزوجات أمام المحاكم الدينية، مؤكدة أن "النساء يُجبرن على خوض معارك طويلة ومكلفة للحصول على نفقة أو جزء من أموال ساهمن في تكوينها، وهذا ما نحاول تغييره عبر الضغط القانوني والإعلامي."
ومن تونس، قدّمت سامية مالكي فيسى، المديرة العامة لجمعية قادرات مداخلة حول مبادرة الجمعية فى موضوع قسمة الأموال المشتركة بعد إنتهاء الزواج، حيث قامت الجمعية بعمل إجتماع رفيع المستوى مع خبراء وطنيون وأصحاب المصلحة لنظر الثغرات الخاصة بتطبيق قانون تقاسم الأموال المشتركة في تونس واقتراح تعديلات تضمن العدالة والمساواة للزوجين.
كما استعرضت لارا معروف من منظمة أسودا في كردستان، العراق، الجهود المبذولة لتعديل القوانين التي تميز ضد النساء في حصول النساء على حقوقهن المالية، حيث تعمل المنظمة على إعادة إحياء صندوق النفقة للمطلقات في إقليم كردستان وبحث سبل التعاون مع أصحاب المصلحة لإعمال هذا الصندوق، و ناقشت فاتن نبهان من مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي في فلسطين التحديات العملية لنشر الوعي فيما يتعلق بموضوع قسمة الأموال المشتركة، حيث قام مركز الإرشاد بعمل حملات توعية رقمية وتدريبات متخصصة للمحامين/محاميات حول كيفية تقديم المساعدة القانونية للنساء فيما يتعلق بهذه القضايا. ، مشيرة إلى الحاجة لتبسيط الإجراءات القانونية وضمان التنفيذ الفعلي للأحكام حتى تتمكن النساء من الوصول إلى العدالة الناجزة.
وفي هذا الإطار، قدّم الخبير القانوني ناصر الريس دراسة موسعة حول الحق في النفقة في العالم العربي، تطرقت إلى أوجه القصور في التشريعات الوطنية وآليات التنفيذ، وأكد أن تحقيق العدالة الاقتصادية للنساء يتطلب "مقاربة قانونية واجتماعية متكاملة". ومن البحرين، قدمت الخبيرة القانونية والشرعية زهرة صالح ابراهيم، نتائج دراسة عن تطبيق مبدأ “الكدّ والسعاية” الذي يعترف بمساهمة النساء في الدخل الأسري حتى في غياب العقود الرسمية من خلال عمل تأصيل فقهي لهذا المبدأ في كلًا من المذهب السني والشيعي الجعفري في البحرين وعرض التحديات التي تواجهها النساء في الوصول إلى العدالة من واقع تجارب حقيقية.
الحق في الحضانة وتعديلات قانون الأسرة
ناقش أعضاء الائتلاف أيضًا التحديات المتعلقة بحضانة الأطفال بعد الطلاق، وتأثيرها على النساء والأطفال في غياب قوانين منصفة تراعي مصلحة الطفل أولاً. وأشارت رابحة فتحي رئيسة جمعية الحقوقيات المصريات إلى مواصلة الحملة القانونية الخاصة بدعم النساء من ذوي الاحتياجات الخاصة وحقهن فى الحضانة والنفقة وإدماج تعديلات في تلك المواد تراعي إحتياجاتهن الخاصة في مشروع قانون الأسرة الحالي. ومن الجزائر، أكدت نادية آيت زاي، المديرة التنفيذية لمركز الإعلام والتوثيق لحقوق الطفل والمرأة على أن " العمل متواصل من أجل تقديم مرافعة من أجل إلغاء الفقرة 1 من المادة 66 من قانون الأسرة التى تُسقط حق الزوجة فى الحضانة عند الزواج بعد الطلاق". هذا وقد نوهت بدرية المرزوق مديرة وحدة قانون الأسرة في الإتحاد النسائي البحريني، أن الإتحاد قام بتقديم مقترح بتعديل بعض مواد قانون الأسرة الحالي للبرلمان، في إنتظار نظرها في الدورة الحالية، وفي هذه الأثناء يعمل الإتحاد على الإعداد لقائمة تعديلات أخرى، بما فيها تلك المتعلقة بالحضانة، ليتم تقديمها فور الموافقة على التعديلات المقترحة حاليًا.
ائتلاف شبابي موازي
يعمل ائتلاف حرة على خلق مساحة لدمج الشباب والشابات فى العالم العربى وتدريبهم على المناصرة القانونية والإعلامية ومساعدتهم على التشبيك على المستوى الإقليمي مع المنظمات الاخرى. شارك فى اجتماع ائتلاف حرة ستة شابات من الأردن ومصر. تقول رهف العبيدات من شبكة دربنا للشابات فى الاردن " أن أكون بين مجموعة من المنظمات المعنية بحقوق المرأة من مختلف البلدان العربية فرصة مهمة وملهمة لكي أتعامل مع قضايا المساواة بين الجنسين من منظور أشمل، لا أراها فقط كقضية داخل حدود بلدي، بل كجزء من نضال إنساني كبير، كلنا لنا دور فيه" .
طريق مشترك نحو قوانين أكثر عدلاً
في ختام الاجتماع، أكدت نجلاء سرحان، منسقة ائتلاف حرّة، أن "القوة الحقيقية للائتلاف تكمن في تنوع تجاربه ووحدة هدفه: إصلاح قوانين الأسرة في العالم العربي على أسس العدالة والمساواة."
واختُتم الاجتماع بتجديد التزام المنظمات الأعضاء بمواصلة التنسيق، وتبادل الخبرات، وإطلاق مبادرات إقليمية تعزز العدالة القانونية والاجتماعية للنساء والفتيات في المنطقة.
النهاية
ملاحظات للمحررين/ات
للاستفسارات الإعلامية، يُرجى التواصل مع زينة خليل، مستشارة الإعلام الاقليمى في منظمة Equality Now وإئتلاف حرة ، عبرالبريد الإلكتروني: zkhalil@equalitynow.org info@hurra-coalition.net
حول ائتلاف حرة : هو شبكة إقليمية تضم منظمات نسوية وحقوقية من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تعمل معًا لإصلاح قوانين الأسرة التمييزية وضمان المساواة والعدالة للنساء والفتيات. تكون الائتلاف منذعام 2019 بمبادرة من منظمة Equality Now والاعضاء الستة المؤسسين ليكون منصة للتضامن والعمل المشترك في حملات المناصرة القانونية والإعلامية عبر المنطقة.
ائتِلاف حرّة يضم حاليًا 13 منظمة وطنية لحقوق المرأة من تسعة دول عربية. وتشمل هذه المنظمات منظمات قانونية، مراكز بحثية ودراسات مناهضة للعنف، ومؤسسات تنموية تعمل في سياقات وطنية متنوعة، ما يُمكِّن الائتلاف من فهم متعمّق لتفاصيل التشريعات الأسرية المختلفة وأفضل السُبل للتأثير فيها.
لمزيد من المعلومات عن ائتلاف حرة يرجى زيارة موقعنا https://hurra-coalition.net/